سنتكلم اليوم عن جزء مظلوم في السيارة... معظم الناس تعتبره شيئا زائدا لا لزوم له لدينا... ومجرد جزء وضعته الشركات الأجنبية لضمان أن سيارتهم تعمل جيدا في بلادهم... أما بالنسبة لنا في منطقتنا العربية فالجو عندنا حار... فلنتخلص منه..
لذلك فكلما اشتكى أحدهم من أن سيارته تسخن... تجد أول حل يفكر فيه الناس: "أزل الثرموستات"..
إذا عرفت الفائدة من الثرموستات ستعرف أيجوز إزالته أم لا..
لكن أولًا.... ما هو الثرموستات؟؟
يعرف الثرموستات بعدة أسماء في عالمنا العربي.. مثل "بلف الحرارة" أو "التيرموستات" أو "ثرموستات الكوعة"
الثرموستات عبارة عن "صمام" أو "محبس" للماء.. مهمته تنظيم حرارة المحرك... ولذلك سمي "ثرموستات" .. فأي ثرموستات مهمته تنظيم الحرارة.
يقع الثرموستات ما بين المحرك والرادياتير، فيتحكم في وصول المياه إلى الرادياتير..
فعندما يكون المحرك باردًا يمنع الثرموستات مياه التبريد في المحرك من الوصول إلى الرادياتير.. ثم يسمح لها بالمرور إذا سخنت لتتبرد..
يعمل هذا الصمام بطريقة أوتوماتيكية دون أي تدخل خارجي.. فلا يحتاج لوجود حساس ولا كمبيوتر.
من وجهة نظرنا فكرته عبقرية..
فكرة هذا الصمام ببساطة هي نفس فكرة الثرمومتر الزئبقي المعبأ بالزئبق الذي يتمدد بالحرارة.. ومنه نستطيع معرفة درجة الحرارة..
وبالمثل.. فالثرموستات عبارة عن اسطوانة بداخلها مادة تمدد بالحرارة أيضا... هذه المادة هي شمع البارافين..
ولكي يضبط الثرموستات الحرارة فيجب أن يكون معايرًا (مظبوطًا) على درجة حرارة معينة (تكون مكتوبة عليه)... وهي الدرجة التي يكون عندها مفتوحًا تمامًا.
حسنًا ... ما الذي يحدث عندما يعمل الثرموستات في السيارة بشكل صحيح؟؟
في بداية تشغيل السيارة تكون مياه التبريد باردة.. أي أن حرارتها أقل كثيرا من درجة التشغيل المثالية، وإذا وصلت المياه إلى الرادياتير فقد يبردها أكثر... في هذه الحالة يكون الثرموستات مغلقا.. ما يمنع المياه من الوصول إلى الرادياتير لكي يسخن المحرك بسرعة ويتخد وضع التشغيل بأسرع وقت..
وعندما تسخن المياه يبدأ الصمام بفتح المسار لها إلى الرادياتير لكي يبردها...
وإذا استطاع الرادياتير أن يبرد المياه أكتر من اللازم.. فعندها سيغلق الثرموستات مرة أخرى إلى أن تصل المياه للحرارة المطلوبة.. ومن ثم يفتح المسار مرة أخرى.. وهكذا..
وهكذا يحافظ الثرموستات على درجة حرارة ثابتة للتشغيل..
وبهذا فالثرموستات هو الوسيلة الوحيدة للوصول والمحافظة على ثبات درجة حرارة المحرك أثناء التشغيل دون أن تتأثر بحرارة الجو الخارجي أو سرعة السيارة..
إذن لماذا يجب أن تظل درجة حرارة التشغيل ثابتة؟؟
بداية.. يجب أن نعرف أن كل محرك له درجة حرارة تشغيل مثالية تم تصميم المحرك ليعمل فيها.. حيث تم تصنيع جميع أجزاء المحرك بمقاسات محددة على أساس درجة الحرارة تلك.. كذلك فعند وصول المحرك لهذه الحرارة فإننا نحصل على أفضل احتراق للوقود..
فالمحرك عبارة عن أجزاء معدنية، والمعادن تتمدد بالحرارة... وتنكمش بالبرودة
عندما يسخن المحرك زيادة عن اللازم.. تتمدد الأجزاء المعدنية زيادة عن اللازم.. وهذه الوضع يمكن أن يسبب احتكاكًا في بعض الأجزاء المتحركة داخل المحرك (المكابس مع الاسطوانات تحديدا) وأغلب المعادن تتغير خواصها مع درجات الحرارة العالية وتكون أضعف.. فيمكن أن تحدث تشوهات شديدة قد تصل إلى حد توقف المحرك عن العمل.
أما عندما يكون المحرك باردًا.. فتكون الأجزاء الداخلية منكمشة بطريقة قد تكون غير محسوبة.. خاصة أن الأجزاء الداخلية مصنوعة معادن متنوعة.. بالإضافة إلى أن الزيت بارد ولزوجته أعلى من اللزوجة التصميمية..
والنتيجة .. تآكل في أهم مناطق المحرك .. خاصة ما بين الاسطوانات وحلقات المكبس وكذلك حلقات التحمل بعمود المرفق.
باختصار... المحرك البارد يتلف سريعًا..
واحدة من مميزات وجود الثرموستات أنه يساعد أيضا على التبريد المنتظم للموتور.. فإزالته تؤدي إلى ضعف توزيع المياه وبالتالي ضعف جودة التبريد.. وستكون الاسطوانات الأمامية (القريبة من الثرموستات) باردة بينما تكون الاسطوانات البعيدة ساخنة أكثر من اللازم.
بالإضافة إلى ذلك.. فإن إزالته تؤدي إلى تبريد المحرك أكثر من اللازم .. ويظهر ذلك بوضوح على الطرق السريعة (خاصة في الشتاء)... وهذا الوضع يزيد من استهلاك البنزين حيث أن كفاءة الحرق ليست مثالية، فأغلب السيارات الحديثة تراقب درجة الحرارة.. ولو أحس حاسوب السيارة بأن المحرك بارد فيزيد كمية البنزين في خليط الوقود لكي يسخن المحرك بسرعة (حسب ما هو فاهم طبعا)... ما يؤدي لسوء الحرق وتغير العادم وظهور الدخان الأسود..
إذا كان الثرموستات بهذه الأهمية.. فلماذا يلجأ الناس لإلغاء الثرموستات إذا كان بالسيارة مشاكل السخونة العالية؟؟
فإلغاء الثرموستات يعتبر مسكّنا للمشكلة الأصلية لارتفاع الحرارة.. وكل ما استطاع الميكانيكي فعله أنه غطى المشكلة وأبقى المحرك يعمل.. ولكن المشكلة ما زالت موجودة.. بالإضافة إلى ذلك فقد أصبح هناك زيادة التآكل في بداية تشغيل السيارة وزيادة في استهلاك البنزين.. وتلويث للبيئة..
ومن ثم يخبرك الميكانيكي أن الثرموستات غير مهم.. فهو مخصص للسيارات في الجو الأوروبي...
هذه الحجة مردود عليها بدون شك..
فالدول ذات الجو البارد مشاكلهم في مياه التبريد.. لا الثرموستات... لأن المياه تتجمد في الشتاء.. وحتى لو كان الثرموستات موجودا ويعمل بكفاءة فستكون المياه متجمدة في الرادياتير.. وسيتعطل المحرك بسبب تلف رأس المحرك لأنه سخن بشكل مفرط دون مياه تبرده (لأنها متجمدة في الرادياتير!!!).
هذه المشكلة استطاعوا حلها باستخدام سوائل التبريد مانعة التجمد (المياه الخضراء/الحمراء/الزرقاء...) بدلا من المياه العادية..
في الصيف أو الشتاء.. في الحر أو البرد.. في الصباح أو الليل.. في الزحام أو على الطريق المفتوح... دائما الحرارة ثابتة..
كون أن السيارة لا تسخن بسرعة لا يعتبر ميزة... بالعكس فهو عيب ... تماما مثل السخونة المفرطة.. ولكن مثلما ذكرنا سابقا.. فتأثيره قد لا نحسه مباشرة... وإنما ستضطر لتعمير محرك سيارتك قريبًا..
وأكبر إثبات على هذا الكلام.. لماذا تعمل السيارات بكفاءة في الخليج دون إزالة الثرموستات.. مع أن الأجواء هناك هي الأعلى حرارة في العالم؟؟؟
ببساطة لأن الثرموستات مظبوط على درجة حرارة التشغيل.. وليس درجة حرارة الجو، فمهما تغيرت درجة حرارة الجو باردًا كان أو ساخنا.. سيظل المحرك ساخنًا وليعطيك أعلى كفاءة تشغيل ولأطول فترة ممكنة.
على فكرة ... الفرق الأساسي ما بين الدول الباردة والساخنة في دائرة التبريد يكون في الرادياتير.. وليس الثرموستات..
إذن ما هي أهم أعطال الثرموستات؟؟
عطل الثرموستات معناه إنه لم يعد يعمل المطلوب منه.. أي إنه يتوقف عن الحركة مع تغير درجة حرارة المياه..
فمن الممكن أن يتعطل وهو مقفول... وفي هذا الوضع لن تبرد المياه بما يكفي في الرادياتير... وبالتالي سيسخن المحرك بشدة..
فإذا حدث ذلك فهذا يعني أن الشمع داخله قد تسرب.. وفي هذه الحالة يجب تغيير الثرموستات فورا...
وبشكل عام في حال أي وجود سخونة عالية للمحرك.. يفضل الكشف على الثرموستات قبل إصلاح العطل الأساسي المسبب لتلك السخونة.
يمكن أيضا للثرموستات أن يتعطل وهو مفتوح (أو شبه مفتوح).. وهنا فغالبا لن يسخن محرك السيارة جيدا (لن يصل لدرجة الحرارة المثالية)..
وعادة ما يحدث ذلك عند تكاثر الصدأ في مياه التبريد.. ومن ثم تترسب الأملاح والصدأ على الثرموستات ما يؤدي لتحجره...
في هذه الحالة أيضا يجب علينا تغيير الثرموستات بالإضافة إلى تنظيف دائرة التبريد جيدا مع استخدام سائل التبريد المناسب (موانع التجمد)..
وكيف أعرف أن الثرموستات يعمل بشكل سليم؟؟؟؟
دعنا أولا أن نتعرف على الفرق بين الوضع الطبيعي والوضع الخاطئ في أغلب السيارات.
في الوضع الطبيعي لدرجة حرارة التشغيل يجب أن يشير مؤشر درجة الحرارة إلى ما قبل علامة النصف بعلامة أو مسافة قصيرة جدا...
كما في هذه الصورة:
فهذه أقل درجة حرارة يفترض أن تراها أثناء قيادتك بعد الوصول إلى حرارة التشغيل..
أحيانا.. ومع الزحام والحر الشديد وتشغيل المكيف.. أو بمعنى أصح مع الأحمال الحرارية الزائدة.. يمكن لدرجة الحرارة أن تزيد قليلا.. بحيث تصل بعد علامة المنتصف بعلامة أو مسافة قصيرة جدا...
كما في هذه الصورة:
هذا طبيعي أيضا.. ولكنه يعني ده أن قدرة نظام التبريد (والرادياتير تحديداً) غير كافية للتخلص من الحرارة الزائدة...
إذا حدث معك هذا الوضع وكنت متأكدا من جودة نظام التبريد لديك.. فغالبا ما يكون ذلك في السيارات المخصصة للمناطق الباردة نوعا ما (أغلب السيارات الأوروبية).. وغالبا لن تراه في السيارات اليابانية أو الكورية المصنعة بمواصفات الشرق الأوسط.
أما إذا لم تكن قد قمت بصيانة لنظام التبريد لديك منذ فترة طويلة.. فربما تحتاج لتنظيف الدورة أو أن تراجع أداء مروحة التبريد..
حسنا.. كيف أعرف إذا كان الثرموستات معطلًا على الوضع المفتوح أو أنه قد أزيل من الدائرة؟؟
بداية ستجد أن السيارة تستغرق وقتا طويلا للتسخين.. كما ستجد أن مؤشر الحرارة لا يصل إلى الوضع الطبيعي ولن يتعدى ما بعد علامة الـ"C" بمسافة بسيطة..
تستطيع أن تقول بأنه لن يزيد عن ربع التدريج..
كما في هذه الصورة:
فإذا كان لديك هذا الوضع.. فمن المؤكد أن لديك مشكلة في الثرموستات مثلما ذكرنا سابقا.. ويجب عليك تغيير الثرموستات...
هذا إذا أردت المحافظة على محرك سيارتك!!!
وإذا كنت ممن يحبون العمل بأنفسهم في سياراتهم.. فقد يهمك معرفة كيفية التأكد من جودة تشغيل الثرموستات
ستحتاج أولا بلا شك لخلع الثرموستات ومعرفة درجة حرارة التشغيل المكتوبة عليه.. وبعد ذلك نقوم بـ3 خطوات سهلة:
1- بعد خلع الثرموستات.. نتركه في درجة حرارة الغرفة العادية.. وعند وصوله إلى حرارة الغرفة فالمفروض أن يكون مقفلا تمامًا..
2- نحضر حوض مياه ونسخنه حتى 15 درجة مئوية قبل درجة حرارة التشغيل... بمعنى أنه لو كتب عليه 90°م فنسخن حتى 75°م فقط... عندها من المفترض أن يظل الثرموستات مقفلا أيضا...
3- نستمر في تسخين المياه حتى درجة حرارة التشغيل... وسنلاحظ تحرك الثرموستات إلى أن يكون مفتوحا تماما عند وصوله لدرجة الحرارة المسجلة عليه..
لو لاحظت أن أي خطوة من الخطوات الثلاثة الماضية لم تحدث بشكل صحيح.. فيجب عليك تغيير الثرموستات..
ملحوظة: توجد بعض أنواع الثرموستات يمكن ظبطها يدويًا... وخاصة في بعض السيارات القديمة كتويوتا كريسيدا.
حسنا... علمنا فوائد الثرموستات ..
فكيف نحافظ عليه؟؟؟؟
للمحافظة على الثرموستات قاعدة بسيطة هامة... وهي:
المحافظة على دورة التبريد سليمة ونظيفة...
وتستطيع ذلك عن طريق:
- استخدام سوائل التبريد (المياه الملونة) المناسبة حسب نوع الرادياتير.
- تغيير سوائل التبريد وعمل دورة نظافة للدائرة كل سنتين.
- تغيير كل خراطيم دورة التبريد كل خمس سنوات.. لكي تتجنب تسريب المياه بسبب تشقق الخراطيم.. فأي قطعة مطاط لا يزيد عمرها عن 7 سنوات (سواء استخدمتها أو لم تستخدمها).
ملخص الكلام
إلغاء الثرموستات يلجأ إلى الميكانيكيون لكي يستريحوا من مشاكل سخونة السيارات.. وربما يكون له أسبابه إذا لم تتواجد قطع الغيار..
ولكن عند إزالة الثرموستات.. ستتلف محركك.. وتزيد صرف المال على الوقود.. ولن تتمتع بأداء السيارة..
...